300 مليون دولار سنويًّا قيمة الإيرادات الفلسطينية المسربة

التسريب يتم عند امتناع التجار عن تسليم فواتير المقاصة

غزة- محمد أبو شحمة

قدر تقرير للمؤتمر السنوي للأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) خسارة الاقتصاد الفلسطيني سنويًّا بأكثر من ثلاثمائة مليون دولار، على شكل تسرب إيرادات جمركية وضرائب، لا يحولها الاحتلال إلى خزينة السلطة الفلسطينية.

وركز تقرير (أونكتاد) المنشور بالتعاون مع معهد البحوث الاقتصادية في رام الله على التسرب الضريبي من الإيرادات المفقودة من الضرائب المباشرة وغير المباشرة على السلع المهربة إلى أراضي السلطة الفلسطينية من أراضي الـ(48)، أو عبرها.

ويحكم (بروتوكول) باريس الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال عام 1994م العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، ويفترض بموجبه أن يحول الاحتلال للفلسطينيين الإيرادات المتسربة من الضرائب على الواردات.

وقالت (أونكتاد): "إن الضرائب غير المسددة عن السلع المهربة من (إسرائيل) إلى مناطق السلطة عام 2012م تقدر بـ17% من مجموع الإيرادات الضريبية الفلسطينية، وتعادل 305 ملايين دولار، وهو ما يكفي لتغطية 18% من فاتورة الرواتب التي تدفعها السلطة لمستخدميها".

وذكر التقرير أن قيمة السلع المهربة من أراضي الـ(48) تراوح بين 25 و35% من الواردات الكلية للاقتصاد الفلسطيني، وقال: "إن 39% من الواردات الفلسطينية من (إسرائيل) ذات منشأ ثالث، وتخلص جمركيًّا على أنها واردات إسرائيلية، قبل بيعها في مناطق السلطة الفلسطينية، وتقوم (إسرائيل) بتحصيل إيراداتها دون تحويلها إلى السلطة الفلسطينية".

أوصى تقرير (أونكتاد) بخفض التسرب الضريبي عبر إجراء تغييرات في (بروتوكول) باريس؛ لجعله متفقًا مع متطلبات الاستقلال الاقتصادي والمالي للفلسطينيين.

ودعا لتمكين السلطة الفلسطينية من الوصول إلى كل البيانات المتعلقة بالواردات من أراضي الـ(48)، أو عبرها.

ويعرف أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة بيرزيت الدكتور نصر عبد الكريم أن المقصود بتسرب الإيرادات هو قيام بعض المستوردين الفلسطينيين الذين يجلبون البضائع من داخل الأراضي المحتلة عام 1948م بالامتناع عن تسليم فواتير مقاصة لوزارة المالية الفلسطينية؛ خوفًا من دفعهم للضريبة.

ويقول عبد الكريم لـ"فلسطين": "الاحتلال يأخذ على ضريبة القيمة المضافة على كل فواتير المقاصة، وتخصم هذه الفواتير من الضرائب، وهنا يمتنع المورد على تسليم هذه الفواتير للسلطة، فيحدث تسرب بالإيرادات وتهريب من دفع الضرائب".

مختصون: لابد من المتابعة الدقيقة وتوحيد الإيرادات في برنامج محوسب واحد

ويوضح أن السبب الآخر لتسرب الإيرادات هو الاستيراد مباشرة من الاحتلال بدلًا من وجود محطة نهائية لوصول البضائع إلى الأراضي الفلسطينية، والاستغناء عن الوكيل الإسرائيلي الذي يقوم بإعادة تعبئة تلك البضائع وتصديرها للفلسطينيين وكأنها منتج إسرائيلي.

ويبين أن هذا التسرب له تأثير كبير على خزينة السلطة الفلسطينية، إذ التهرب الضريبي يمثل ثلت العجز الوارد في الموازنة العامة الذي يبلغ مليار دولار، وفي حالة حصلت السلطة على هذه المبالغ سيتيح ذلك تسريع عجلة دوران الاقتصاد والحركة التجارية.

ويشير إلى أن الطرق الواجب اتباعها للتخلص من هذا التسرب هي التوعية والتثقيف بين التجار وتحفيزهم، ومحاولة التعميم عليهم قدر الإمكان بضرورة تسليم الفواتير، وتعريفهم بالأضرار الناتجة في حالة عدم تسليمها، إضافة إلى المتابعة الدقيقة من قبل موظفي الجباية، وتوحيد الإيرادات في برنامج محوسب واحد.

ويرجع الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور معين رجب خسارة الاقتصاد الفلسطيني سنويًّا أكثر من ثلاثمائة مليون دولار، على شكل تسرب إيرادات جمركية وضرائب؛ إلى عدة أسباب أولها استقطاع الاحتلال حصة من قيمة الضريبة المضافة التي تحصّلها على المعابر حسب اتفاقية باريس الاقتصادية.

وقال رجب لـ"لفلسطين": "أحد بنود الاتفاقية الموقعة مع السلطة الفلسطينية تنص على حق الاحتلال استقطاع قيمة من الضريبة المضافة من البضائع التي تعبر من داخل الأراضي المحتلة، أو تورد إليها شهريًّا".

وأضاف: "أحد الأسباب وراء تسرب الإيرادات أيضًا هو وجود حالات تهريب للبضائع من قبل تجار وشركات دون دفع الضريبة الخاصة بها، وذلك بمدن الضفة الغربية؛ لأن الحدود مفتوحة مع أراضي الـ(48)، والتهريب أكثر سهولة، وكذلك على المعاملات والبضائع التي تدخل عبر الموانئ والمطارات، أو من خلال السوق الإسرائيلية".

وبين أن بعض الموردين الفلسطينيين لا يلتزمون بتقديم الأوراق الخاصة ببضاعتهم وتجارتهم للجهات الرسمية في الضفة الغربية، ويتبعون طرقًا التوائية، وهذه المعاملات لا يؤخذ رسوم عليها، وبذلك يحرمون الخزينة الفلسطينية الجباية، ويشكلون خسائر لها.

ورأى أن الحل لمعالجة وتفادي هذه الخسارة سنويًّا وتخفيف العجز الكبير في الموازنة العامة بين النفقات والإيرادات هو زيادة الإيرادات، وتشديد الرقابة على جميع الواردات والصادرات وفقًا للقانون للتخفيف من هذا العجز، وانضباط عملية التحصيل وتنظيمها بشكل يوفر على خزينة الأموال.

تعليقات

المشاركات الشائعة